:: الصولتية :: أولى المدارس في أم القرى
مقدمة :
( صولت النساء ) امرأة من كَلْكُتَّا بالهند, تحملت العبء الأكبر في بناء مدرسة دينية عظمى سميت ( بالصولتية ) , على اسم المرأة الثرية الكريمة البارَّة الحاجة (صولت النساء), وبعض أهل مكة ينطقون اسم المدرسة (الصولطية) ولكن الصحيح – كما جاء في مذكرات الشيخ حسن مشاط المدرس والدارس فيها – هو (الصولتية).
البارزون الذين درسوا في الصولتية كثيرون, غير أن من أبرزهم الشريف الحسين بن علي, والعلامة الشيخ حسن مشاط, والشاعر الكبير الأستاذ أحمد بن إبراهيم غزاوي شاعر الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمهم الله.
وقد لا يتيسر لقارئ العربية إجابات على أسئلة مهمة حول بداية النشأة الأولى للمدرسة, إذ يذكر الأستاذ محمد سليم رحمه الله حفيد مؤسس (الصولتية) أن الأوراق التي تتعلق بالتأسيس لا يمكن نشرها في مجلة عربية لأنها باللغة الأوردية. فالمدرسة ليست مكية محضة, ولا قومية عربية, ولكنها ترتقي عن القومية والإقليمية, فلا تنظر إلى جنسية طلابها. فهي مدرسة للمسلمين – حرسها الله-.
لا يوجد جواب حاضر على هذا السؤال, ولكن نقول باطمئنان إنه كان في مكة – حرسها الله- كتاتيب في نهاية القرن الثاني عشر الهجري, وكان هناك المسجد الحرام. لقد كان الناس في فقر بوادٍ غير ذي زرع. وما كانت هناك أدوات للدراسة, ولا كتب إلا عن طريق النسخ باليد. وذلك يعني أن دخول المطابع إلى الحجاز قد تأخر كثيرا. وكان أهل مكة يشتغلون بالطوافة وخدمة الحجيج وما إلى ذلك, وينفر منهم طائفة لتلقي العلم قي المسجد الحرام حتى جاء رحمة الله العثماني إلى أم القرى هاربا من الهند.
قصة رحمة الله قصة تضغط زر التسجيل, تكشف أنور الاجتذاب الرباني, تستبق في أولويات العرض التاريخي, تأخذ بألباب القراء.
قل ما شئت عن رحمة الله هذا الذي وصل إلى مكة – حرسها الله- فقيرا , رث الهيئة.
لقد هرب من الهند في باخرة وهو بصورة مخلوق لا يعبأ به أحد, مدفوع الأبواب, وظهر في اليمن, ثم وصل إلى مكة, وحضر إحدى الحلقات العلمية في المسجد الحرام. وكان احمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة يسهب في فضائل المذهب الشافعي, وبعد أن انتهى من درسه سأل رحمةُ الله سؤالا في الموضوع فأجابه السيد الدحلان, فسأله مرة اخرى , وناقش شيئا ما. وبين السؤال والجواب تكشف للسيد الدحلان أنه أمام عالم وليس أمام طالب علم! فسأل رحمة الله: من أنت؟! فحكى له كيف أنه كان رجلا موسرا في الهند قد أنعم الله عليه بالثروة والعلم والعقل, وأنه ظهر في الهند نصراني يتحدى المسلمين ويناظرهم, اسمه فاندر. وحكى للسيد دحلان المصير الذي آل إليه كل من يعارض المستعمر البريطاني, فقد تصدى رحمة الله لفاندر وناظره وهزمه حتى افتخر به المسلمون, فإذا بالسلطات البريطانية تقف إلى جانب المبشر فاندر, وصادرت أملاك رحمة الله, فاختفى عن الأنظار, فرصدت بريطانيا ألف روبية لمن يأتي به, حتى اضطر إلى الهجرة من بلاده خائفا. وإذا به في المسجد الحرام.
فأمسك السيد دحلان بيده وعيناه تدمعان, وكانت الشمس قد أشرقت , فأخذه إلى منزله واستضافه.
لا تسل فرحة السيد دحلان مفتي الشافعية بصاحبه, وإذا بوالي مكة يستفسر من أهل مكة عن رجل اسمه رحمة الله يحتاج إليه الخليفة العثماني بعد ظهور نصراني اسمه فاندر في القسطنطينية , يلقي بالشبهات عن الإسلام ويتحدى المسلمين ويرمي بحجارة الزنادقة والعلمانية والهرطقة والجرأة على الله ورسوله.
فقال السيد دحلان: على الخبر وقعت. هذا هو رحمة الله بشحمه ولحمه عندنا , وقد أعطيناه إجازة لتدريس الفقه (ربما الفقه الحنفي, فالمذهب الحنفي هو مذهب الهنود).
أرسل والي مكة الشيخ رحمة الله إلى القسطنطينية , وما إن علم فاندر به حتى اختفى ثم هرب من البلاد, خشية الفضيحة على رؤوس الأشهاد.
- قصة تأسيس المدرسة
ولما عاد رحمة الله إلى مكة بعد إعزاز السلطان العثماني وإكباره وإكرامه له, افتتح حلقة بالمسجد الحرام, وانضم إلى الحلقة رجل متزوج من ابنة (صولت النساء), وقد أخبر طالب العلم هذا الشيخ رحمة الله عن اعتزام كنّته (صولت النساء) بناء رباط للمجاورين بمكة المكرمة. فقال الشيخ رحمة الله: الأربطة بمكة كثيرة, ولكن ما تحتاج إليه مكة هو مدرسة منظمة لتدريس الدين للمجاورين والمستوطنين,
عرض الرجل الأمر على (صولت النساء) فوافقت وبذلت ما لديها من مال. واشترى الشيخ رحمة الله قطعة أرض بالخندريسة بمحلة الباب بمكة, وبدأ يبنيها بالمال الذي تبرعت بمعظمه الحاجّة الكريمة (صولت النساء) وقد سمى الشيخ رحمة الله المدرسة باسمها.
وهكذا ارتفع اسم (صولت النساء) على أسماء كثير من الرجال. ولو كان النساء كمثل هذي لفضلت النساء على الرجال, وأصبح لأبناء مكة المكرمة من وافدين ومواطنين مدرسة لتدريس أبنائهم منذ شعبان عام 1921هـ, وهي المدرسة الصولتية التي درس فيها العلامة الشيخ حسن مشاط, والعلامة الشيخ عبدالله عبدالغني خياط, والعلامة الشيخ أحمد الكلداري والسيد محمد علوي مالكي, وغيرهم من العلماء.
- دروس الصولتية
قال الشيخ حسن مشاط يصف دروس الصولتية:
(في أول النهار تفتح المدرسة أبوابها ويجلس الناظر – أي المدير – في غرفته الخاصة مبكرا قبل كل أحد, ويأتي الطلبة إلى غرفة التدريس, فكان المعلم الأول شيخنا الشيخ عبدالرحمن دهان يبدأ الدرس للأساتذة, أي للطلبة الذين تفوقوا حتى صاروا أساتذة, فيقرؤون علي شيخهم الدرس الأول وهم عيسى روّاس والشيخ سالم شفي والشيخ أحمد ناضرين والشيخ احمد قاري, وهؤلاء بعد الفراغ من هذا الدرس يودعون الشيخ ويعقدون حلقات الدروس في مجالس العلم ...).
- أبرز المدرسين والدارسين
في هذه المدرسة درس السيد أبو بكر بن سالم البار, وهذا الرجل درس أولا في مدرسة الفلاح ثم سافر إلى حضرموت ثم عاد مدرسا بالمسجد الحرام ثم درّس في الصولتية.
وفي هذه المدرسة الصولتية طلب العلم السيد محمد طاهر الدباغ, حيث قرأ في المنطق على الشيخ مشتاق الهندي وأجازه, ثم توظف بمجرسة الفلاح عام 1330هـ وقد كان من أكبر شخصيات مكة المكرمة في العهدين الهاشمي والسعودي, وفيها درس العلامة المؤرخ المسند الشهير الشيخ عبدالله بن محمد غازي الهندي المكي. ولد بمكة سنة 1291هـ, وتوفيت والدته وهو صغير فرباه والده وأحسن تربيته, وعيَّين لتعليمه أستاذا, فقرأ القرآن الكريم عليه وحفظه وقرأ به في التراويح في المسجد الحرام وهو ابن اثنتي عشرة سنة, ثم بعد ذلك قرأ من الكتب الفارسية وشيئا من مبادئ الصرف والنحو ثم ذهب به والده إلى المدرسة الصولتية. فقرأ على مدرسها الشيخ عبدالسبحان بن الشيخ حامد على الصرف والنحو وعلى العلامة الشيخ حضرت نور الأفغاني العقائد والمعاني والبيان وأصول الفقه والتفسير والحساب والفرائض وغير ذلك.
- في الطريق إليها
والآن هيا بنا نزور المدرسة الصولتية بمكة المحمية, عندما وصلت إلى حارة الشُبيكة بمكة المكرمة وجدت أني أسير في شارع اعرفه جيدا. وقفت في مكتبة واشتريت منها كتاب (بلوغ المرام).
سألت صاحب المكتبة عن الصولتية فأشار نحو الحرم, الشارع يؤدي إلى المسجد الحرام. اتجهت صوب المدرسة التي قال الشاعر فيها إنها (أم المدارس). لا تزال أم المدارس غير معروفة لدى إدارة الهاتف, فعندما طرقت الرقم الهاتفي لاستعلامات جدة أجابني موظف الهاتف بالتحية. فقلت أريد رقم المدرسة الصولتية.
فقال: مدرسة ايه؟
قلت: الصولتية .. بالصاد
-: نعم
-: الصولتية
فبحث قليلا الصولتية بالصاد .. ثم قال: هذه غير موجودة .. المدرسة جديدة فيما أظن؟!
قلت بل هي أقدم مدرسة في مكة. عمرها مائة عام, الصحيح أن عمرها مائة وخمسة وعشرون عاما في رجب 1415هـ . وإذا به يقول بعد هنيهة: الرقم ...... كذا.
في حارة الشبيكة بمكة سألت أربعة أشخاص, فلم يعرفها سوى أكبرهم سنا . الثلاثة الآخرون حركوا رؤوسهم بالنفي. وعندما وصلت إلى زقاق الصولتية المسمى باسم المدرسة شعرت برهبة حقيقية, كان الوقت ليلا. تركت اسمي ووعدت بالمراجعة غدا, عندما يعود مدير المدرسة الذي كان في جدة تلك الليلة.
في الصباح وجدت ماجدا.
ذلك هو ماجد سعيد رحمة الله مدير المدرسة الصولتية الحالي حفيد الشيخ سليم رحمة الله. إنه في داخل المبنى الذي أنشأه الشيخ رحمة الله الهندي بأموال من السيدة (صولت النساء) وبعض المحسنين.
- المدرسة من الداخل
هذه هي المدرسة الصولتية التي لا تتقاضى رسوما من طلبتها بل تعطيهم مساعدات في بعض الأحيان.
الأرضية حجرية الرصف, الصالة واسعة, الجالسون على الأرض ينعمون ىبسقف عالٍ – رغم الديكور الحديث- بلون الحليب.
الشيخ ماجد بلحيته الفاحمة يتحدث بالأوردية معزيا احد زواره – من الهنود الذي كان يقبع حزينا أمامه – على وفاة قريب له.
سألت الشيخ ماجد رحمة الله عن مشايخ الصولتية فقال بلهجة مكية أصيلة: إنهم قد انتقلوا إلى الدار الباقية, لكن تلاميذ الشيح الرحوم حسن مشّاط لا زال بعضهم يدرّس بالمدرسة, ومنهم الشيخ عبدالهادي محمد عمر والشيخ أيوب أبكر, وقد وقفت أسمع للشيخ أبكر وهو يدرّس في كتاب (تاريخ الأدب العربي) ويتفن في شرح كلمة (أما بعد).
قال: هناك خمسة أقوال فيها: فقد قيل إن أول من قالها داود عليه السلام.
وقيل يعرب بن يشجب بن قحطان.
وقيل قس بن ساعدة الإيادي.
وقيل سحبان بن وائل.
ولم أستمع إلى الاسم الخامس بحكم الضرورة الوقتية. ثم اتجهت إلى القسم العالي, هناك الشيخ محمد سعيد يدرّس المنطق. ومع أن المدرسة كلها ضالتي فقد أقعدني جمال الدرس, ففي حال الافتقاد توجد جاذبية عجيبة عند حال الوجدان. لقد افتقدت حياتنا المنطق العادي فضلا عن العالي, فوجدت نفسي مسمرا. أمام (الضرورة التي لا انفكاك عنها) ضرورة عودة المنطق إلى منطق التعامل. وإذن فقد كان الدرس الذي يتلقاه طلبة القسم العالي في الصولتية يحتاج إليه المحرومون في كثير من الجامعات والمجتمعات.
الناس الموجودون وعددهم ثمانمائة من طلاب وأساتذة ومساعدين يجلسون على الأرض, دون مقاعد. السر في ذلك – كما قال لي الشيخ ماجد – أنه لا يتصور طالب علم يقرأ (البخاري) وهو جالس على كرسي!
إن دراسة حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام لا يناسبها إلا الجلوس على الأرض كما هو الحال في المسجد الحرام والمسجد النبوي والأزهر وغيرها من مساجد الله في الأرض.
تبعد المدرسة الصولتية عن المسجد الحرام مسافة تساوي ثلاثة أشواط من السعي, لكن المبنى التعليمي الحالي لم يعد ذلك المبنى القديم الذي أنشئ عام 1290هـ, وإنما هما متقاربان ويفصل بينهما زقاق.
وفي المبنى غرف مكتوب على أبوابها أسماء الأخيار الذين تكفلوا ببنائها. وهي الآن فصول دراسية يتجاور فيها الطلاب, وخصوصا في إحدى الغرف الواسعة حيث يدرس طلاب ثلاثة فصول مختلفة في ثلاث حلقات كما لو كانوا في مسجد من المساجد الجامعة.
الرهبة – بطبيعة الحال – لا تفارق الزائر. وقد زار الملك عبدالعزيز – رحمه الله – المدرسة الصولتية وقال عنها إنها (الجامع الأزهر في بلادي).
ويتخرج الطالب في الصولتية لينضم إلى إحدى الجامعات , ويكون مستواه أعلى من مستوى خريج الثانوية العامة, إلا إنهم لا يدرسون اللغة الإنجليزية ولا الكيمياء ولا الفيزياء, ويقتصر تدريس المواد العلمية على الحساب والجبر والهندسة.
ويدرس في المدرسة الصولتية نحو 18 جنسية. وهي تعتمد على إيرادات الأوقاف وتبرعات المحسنين, منذ أن توقفت المعونات التي كانت تصل إليها من الهند.
وتقع المدرسة تحت جبل الحفاير بالقرب من جبل الكعبة.
- مكتبة الصولتية
وفي المدرسة مكتبة كبيرة فيها نحو عشرة آلاف كتاب , وفيها مئات الكتب الدراسية , إلى جانب المخطوطات. وبما أن الكتب دراسية فإنها تتضمن نحو مائتي نسخة من صحيح البخاري ومثلها من صحيح مسلم وبقية كتب الحديث النبوي الشريف وشروحها. كما تتضمن مئات النسخ من التفاسير القرآنية كابن كثير والجلالين.
أما وجود نسخ مخطوطة فذلك لأنها موجودة بالمكتبة من قبل دخول المطابع إلى الحجاز. ومع كتب الأمهات الحديثية والتفسيرية, فإن المكتبة تضم أيضا نسخا من الشروح والمؤلفات التابعة لمختلف علوم الشريعة واللغة. والمكتبة ليست مفتوحة للعامة بل خاصة بطلبة المدرسة.
ويلحق بالمدرسة مسجد صغير جميل محرابه يكاد يحتضنك من جماله وروعته وأسراره وأنواره.
وكان هناك قسم للبنات في المدرسة استمر عدة سنوات, ورد ذكره في كتاب بعنوان (المدرسة الصولتية) طبع قبل عشرين عاما. ثم أقفل هذا القسم فيما بعد.
وعندما خرجنا من الصولتية سرنا على بلاط إنجليزي أبيض وأحمر وأسود. وقال الشيخ ماجد رحمة الله (إن البهو كان أعجوبة في مكة قبل أكثر من نصف قرن, فقد كان الناس يأتونه من كل مكان ليتفرجوا على البلاط الإنجليزي في أم المدارس).
وإذا كانت حكومتنا الرشيدة تقوم اليوم بإتاحة كافة الإمكانات المادية والبشرية التي تتطلبها إقامة قاعدة تعليمية وتربوية راسخة تستوعب المواطن والمقيم, فإن مساعدات المحسنين كان لها دور في تأسيس هذه المدرسة, ولكن لا شك أن الدور الأول كان للحاجّة (صولت النساء) رحمها الله التي بذلن مالها من اجل العلم وطلابه, مما يبرز مكانة المرأة المسلمة ودورها في خدمة مجتمعها .. فالأم ..
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعبا طيبا الأعراق
وقد هيأ الله الخير على يدي الأم العظمى خديجة الكبرى عليها رضوان الله. التي آزرت النبي صلى الله عليه وسلم, وهيأ الله الخير على يدي زبيدة زوجة هارون الرشيد وعلي يدي خاتون هانم التي جددت قنوات عين زبيدة, وعلى يدي صولت النساء, هذه التي يدور حديثنا هنا عن مأثرة من مآثرها, يرحمها الله.
وليس لدينا إحصاء عن عدد الطلبة والطالبات الذين تخرجوا في الصولتية منذ عهود الأجداد. لكنك ستعجب عندما تعلم أن مدرسة الفلاح التي أنشئت بعدها في مكة – حرسها الله – بثلاثة عقود من السنين والتي لها الشهرة الذائعة والصيت العظيم قد بدأت بمدرسين من خريجي الصولتية, ومنهم مديرها – أي مدير الفلاح – الشهير السيد إسحاق عزوز يرحمه الله.
- أم المدارس
أم المدارس لا برحت عظيمة .. بالنور يبزغ من سناك وينشر
قد خلد التاريخ عنك مآثرا .. يزهو بها العلم الصحيح ويفخر
قد كنت اول معهد باهت به .. أم القرى وهفا إليه الأكثر
وتثقفت فيك الرجال على التقى .. والشرق في فوضى الهوى يتدهور
فامضي إلى الأهداف واسعة الخطى .. فلأنت أحرى بالثناء وأجدر
أبيات قالها الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي يرحمه الله في المدرسة الصولتية.
**********************
- من تاريخ الصولتية
- تقوم المدرسة الصولتية بواجبها في خدمة العلم والمعرفة منذ افتتاحها في عام 1291هـ, أي منذ 124 عاما دون انقطاع وقد تعاقب على إدارة شؤونها حفدة المؤسس, وكلهم ممن تعلم وعلّم فيها.
- تولى الشيخ محمد سعيد إدارة شؤون المدرسة بعد وفاة مؤسسها (من 1308 إلى 1357هـ) وهو حفيد شقيق المؤسس, ثم خلفه في إدارتها ابنه الشيخ محمد سليم (1357-1397هـ) تلاه في ذلك ابنه الشيخ مسعود (1397-1412هـ), ومنذ عام 1412هـ يتولى إدارة المدرسة الشيخ ماجد سعيد. ويتلقى الان أبناؤه وأبناء إخوته العلم في المدرسة نفسها , وهم يمثلون الجيل السابع في تاريخ المدرسة.
- بدأ الشيخ رحمة الله في تكوين المدرسة وإنشاء أول مبنى خاص بها في رمضان 1290هـ بعد شراء قطعة الأرض التي تبرعت (صولت النساء) بثمنها. وفي 12 شعبان 1291هـ افتتحت المدرسة في مباها الخاص في احتفال حضره علماء مكة وأعيانها , وانتقل إليها الطلاب والمدرسون من دار السقيفة عند مطلع جبل هندي بحارة الشامية, وهي دار أحد الأثرياء الهنود المهاجرين. انتقلت إليها الدراسة بعد أن كانت – في البدء – في محيط الحرم بباب الزيادة. ومع ذلك اختار الشيخ رحمة الله محرم 1292هـ ليكون تاريخ البداية الفعلية للمدرسة الصولتية.
- كان اول درسين تلقاهما الطلاب في مبنى المدرسة الخاص في القرآن والحديث, وكان درس القرآن على يد الشيخ المصري إبراهيم سعد, وكان درس الحديث في صحيح البخاري على يد الشيخ رحمة الله نفسه.
- وُضِعَ حجر الأساس للمبنى الحالي للمدرسة في عام 1329هـ, على بعد خطوات من المبنى الأول, وكلاهما لا يزال قائما في موقعه الحالي في حارة الباب. وبدأت الدراسة في المبنى الحالي في 1345هـ, وحالت الحرب العالمية الأولى بآثارها الاقتصادية والاجتماعية , والظروف السياسية الإقليمية التي مرت بها المنطقة آنذاك دون الانتهاء من البناء في الوقت المقرر.
- بنى الشيخ رحمة الله مسجد المدرسة في سنة 1302هـ من حجارة مكتبة الحرم المكي , بعد أن هدمتها الحكومة العثمانية لقربها من بئر زمزم ومضايقة موقعها الحجاج. وقد باع الشيخ داره لإتمام بناء المسجد والقسم الداخلي للمدرسة الذي كان يوفر المسكن والمأكل للطلاب الفقراء والوافدين دون مقابل.
- زار الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – المدرسة الصولتية في 28/6/1344هـ, ورافقه في تلك الزيارة الشيخ محمد عثمان الشاوي والشيخ يوسف ياسين والشيخ محمد نصيف وبعض علماء نجد, وشارك علماء مكة وأعيانها أعضاء المدرسة الاحتفال بهذه الزيارة التاريخية.
- أسهمت الصولتية في إنشاء مدارس الفلاح ؛ إذ استفاد الشيخ محمد علي زينل – مؤسس الفلاح – من تجربة الصولتية من خلال زياراته لها واتصالاته بمديرها الشيخ محمد سعيد, ودرّس في الفلاح صفوة أبناء الصولتية ونخبة مدرسيها من أبرزهم: احمد ناضرين وعيسى رواس ومحمد يحيى أمان, رحمهم الله جميعا.
- يصف أعلام مكة المكرمة العارفين بفضل الصولتية – وخاصة فضلها عليهم – أنفسهم – بأن الواحد منهم (حفيد الصولتية), لكونهم تلقوا العلم على أيدي العلماء والشيوخ الذين درسوا في الصولتية وتخرجوا فيها. ومن (حفدة الصولتية) هؤلاء الشيخ علوي عباس المالكي والشيخ إسحاق عزوز يرحمهما الله.
- يعد مؤرخو الحركة التعليمية في المملكة العربية السعودية الصولتية أقدم مدرسة نظامية, لا في مكة المكرمة أو الحجاز وحده, بل في المملكة العربية السعودية, وعدّها بعضهم المدرسة الأولى في الجزيرة العربية.
***********************************
المصدر : مجلة الفيصل
استطلاع بقلم : محمد علي الجفري | تصوير: باسل برمدا
أعده للنشر في الموقع عضو إدارة محتوى قبلة الدنيا : بدر بدرة
عالج الصور المشرف العام : حسن عبدالعزيز مكاوي
0 تعليقات